Translate

السبت، 2 مارس 2013

التحديات الإعلامية في وجه الإعلام الإسلامي



التحديات الإعلامية في وجه الإعلام الإسلامي
إن التحديات في وجه الإعلام الإسلامي كبيرة وخطيرة، وخصوصاً هذي الأيام، أي عقب الأحداث التي تلعب بشعوب العالم في بداية الألفية الثالثة الميلادية، فالحرب الآن بشكل سافر ضدّ الإسلام والمسلمين والمنطقة العربية خصوصاً، وهي إن لم تكن صريحة في كل أحوالها، فإنها تأتي مبطنة تحت أسماء أخرى، يُقصد بها المسلمون.
ولم يكتف المعادون بما حققوه من مكاسب وأطماع، بل توجّهوا إلى عقيدة المسلم يريدون تغييرها، ويزعمون أنها يجب أن تُغَيَّر، حتى تأتي على نحو ما تهوى شهواتهم، فهم يريدون إزالة الجهاد الإسلامي، وحذف آياته من القرآن الكريم، ولو سايرهم بعض المسلمين لطلبوا منهم أكثر، ثم لم يعطوهم شيئاً من الرضا أو القبول.
وقد سبق هذه الأحداث الحالية غزو فكري وأخلاقي، حتى غدا شباب المسلمين مهلهلين ضعفاء، وكان هذا أخطر أنواع الغزو، بدؤوا فيه حينما عجزوا عن الانتصار العسكري، وحققوا فيه أكثر أمانيهم، فأفسدوا عقول المسلمين وأخلاقهم ووحدتهم وهممهم وعزائمهم، وصار همّ الشباب والفتيات تقليد الغربيين، وليت هذا التقليد جاء شاملاً، بل جاء تقليداً مشوهاً انتقائياً، قلَّدوا المفاسد، وتركوا المنافع.
وكانت أمضى الأدوات في تغذية هذا الفساد وسائل الإعلام، وخصوصاً التلفزيون، فلم نقف عند حدّ الإعلام الأجنبي الغريب الوافد، بل صارت التلفزيونات في البلاد الإسلامية صدىً لهذا الغزو الخطير، تقلّد هي الأخرى الإعلام الغربي، في الشكل دون المضمون، فتحسب عري النساء تطوراً وتقدماً، وأن التزام العفة شأن السابقين المتخلفين، وترى أن تقديم الدين في هذه الوسائل ضرب من ضروب الرجعية، وأن لباس العلماء الفقهاء يعيدنا إلى عصر جُحا، وغيره من ظرفاء العرب، لذلك جاء من أساسيات برامج التلفزيون عرض الأزياء، والأغاني الساقطة، والرياضة النسائية، والأفلام الخليعة والمرعبة، الأجنبية والعربية، والمسابقات المضيِّعة للوقت، وعروض مسابقات الجمال، وفتيات الإعلان، والمذيعات المتكشفات اللواتي يخترن على أساس الجمال، وهكذا.. واعتاد المشاهد المسلم على ذلك، حتى صار غرضه من التلفزيون أن يرى فيه ما يشبع غرائزه الدنيوية، وإذا ما مرّ ببرنامج إسلامي نافع، سرعان ما يتركه ويختار برنامجاً آخر، لأن هذا القدر الهائل من سنوات الإعلام المخرِّب استطاع أن يغيِّر نفسية المسلم وفطرته وخُلقه.

وصارت كثير من وسائل الإعلام العربية "تعزل الجمهور عن فكره الإسلامي، وثقافته العربية، وتبعده عن واقع حياته التي يعيشها، بل إن وسائل الإعلام تساعد على جعل الشعب أمَّة من المتفرجين، تحوِّلهم إلى أفراد مسلوبي الإرادة لا يعملون ولا يتفاعلون." (ساعد العرابي الحارثي، مسؤولية الإعلام في تأكيد الهوية الثقافية، كتيب المجلة العربية، الرياض، العدد (18)، 1998م، ص24).
حتى أصبحنا مستعمرين إعلامياً، "وقد قيل بأنه لا يحق لدولة أن تدعي أنها مستقلة إذا كانت وسائلها الإعلامية تحت سيطرة أجنبية؛ وظهر بوضوح أنه لا يمكن أن يقوم استقلال حقيقي وشامل، دون وجود وسائل اتصال وطنية مستقلة تكون قادرة على حماية هذا الاستقلال وتعزيزه." (عواطف عبد الرحمن، قضايا التبعية الإعلامية والثقافية في العالم الثالث، سلسلة عالم المعرفة، الكويت، العدد (78)، 1404هـ/1984م، ص72).
وهذا الوضع الراهن يعتبر من أكبر التحديات الداخلية التي تقف عائقاً أمام الإعلام الإسلامي، حيث يجد الداعية والإعلامي المسلم أنه في كثير من وسائل الإعلام غير مرغوب فيه، وهذه النظرة التي يجدها ليست بعد معرفة ومخالطة، بل سابقة لكلامه وسلامه، يراها من المسؤولين عن وسائل الإعلام عندما يرون زيّه، أو يسمعون ببرنامجه.
ومن التحديات التي تقف في وجه الإعلام الإسلامي تحديات اقتصادية وتمويلية، لابد منها لقيام هذا العمل الكبير، ومن أولى هذه المتطلبات شراء قمر صناعي، أو الاشتراك في الأقمار الإعلامية لتوصيل الرسالة الإسلامية، وقد عظم هذا التحدي عقب الضربة التي أصابت أمريكا، حين أثرت هذه الأخيرة على الجمعيات الخيرية ورؤوس الأموال الإسلامية، وخصوصاً تلك التي كان يُرجى منها أن تقوم بهذا العمل الدعوي، وهناك أيضاً تحديات مهنية ترتبط بإدارة المؤسسة الإعلامية وبطبيعة العمل الإعلامي، وتحديات تكنولوجية؛ لأن المطلوب في هذه الوسائل التطور والتنافس دائماً، "فكثير من الدول الإسلامية تعاني من ضعف سيطرتها على سماء بلادها، وعدم قدرتها على مواجهة البث الأجنبي الذي يتعارض مع القيم والثقافة والموروثات الحضارية لشعوبها." (حسن علي محمد، الإعلام الإسلامي وأصول الإعلام، القاهرة، منشورات الأزهر، 1418هـ، ص80) وهناك تحديات سياسية؛ على رأسها الاحتلال الإسرائيلي، والهيمنة الأمريكية على الحكومات العربية والإسلامية، والتي تعتبر التحدي الخارجي الأكبر في وجه الإعلام الإسلامي، ومنها التجزئة العربية، والسيطرة الحكومية والقانونية والتنظيمية للإعلام، ومن هذه التحديات الخارجية أيضاً ظروف الاتصال الدولي الصعبة، والمنافسة الشديدة بين وسائل الإعلام، فمن المعلوم أن الإعلام اليوم يعتبر معركة بحد ذاته، يتطلب جهاداً وبذلاً ودهاءً وحنكة وحكمة وسياسة. (انظر: أبو أصبع، صالح خليل، تحديات الإعلام العربي، عمّان، دار الشروق، ط1، 1999م، ص15).
زد على ذلك كله أن فكرة الإعلام الإسلامي ما زال المسلمون يتجادلون فيها بين مؤيد ومعارض، فهناك من يقول أن هذا الإعلام لو ظهر لزاد الطين بلة، وكان شره أكثر من خيره، ويتساءلون أي إسلام سيكون فيه، أهو إسلام الشيعة أم السنة أم المذهب الحنفي أم الشافعي أم.. الخ. وهؤلاء كأنهم ما سمعوا يوماً بالإسلام الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، فجمع الأمم تحت راية واحدة وكلمة واحدة، حتى صاروا كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، ومن الملاحظ أن أكثر هؤلاء من السياسيين، أو من غير المسلمين الذين يشاركون في الإعلام العربي، ويظهر هذا من خلال الآراء التي تتبادل حول القناة الفضائية الإسلامية الموعودة، والتي كان المخطط لها أن تباشر عملها في الشهر الأول من عام (2001م)، في مدينة الدوحة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق